د.اسمهان ماجد الطاهر
من أقوال جبران خليل جبران الجميلة تقوم الأوطان على كاهل ثلاثة: فلاح يغذيه، جندي يحميه، معلم يربيه. في ظل الازمات الاقتصادية المتلاحقة وتزايد اعداد المتعطلين عن العمل من الشباب كلا الجنسين علينا التفكير بعمق بذلك. لابد من تكريس الجهود من أجل إيجاد حلول نافعة لحل مشاكل البطالة وتقلص الفرص الضائعة.
الظروف الاقتصادية الصعبة أوجدت المعضلات وفرضت معطيات صعبة تحتاج إلى جلسات من العصف الذهني للسيطرة على ما يجري من تداعيات البطالة فلابد من بذل جهود جادة لتقليص عدد المتعطلين عن العمل من الشباب.
في حقيقة الأمر لا نستطيع أن ننظر للقضية من زاوية واحدة وعلينا توجيه نظرة شمولية للبيئة المحيطة بعواملها ومعطياتها وانظمتها التعليمية، اضافة الى ضرورة دراسة امكانات سوق العمل وطبيعتة ومدى قدرته على التشغيل.
دراسات متعددة متاحة حول نوعية الوظائف ونسبة العاملين من الوافدين ونسبة البطالة من كلا الجنسين. لكن حتى الساعة لا يوجد دراسات تثبت أن هناك تنسيقاً بين المدارس والجامعات لتوجيه الطلاب نحو التخصصات التي يحتاجها سوق العمل.
إن الأنظمة المدرسية بمناهجها المطبقة ما زالت غير قادرة على أكتشاف مواهب او قدرات الطلبة الدارسين بشكل يساعد على تصنيفهم وتوجيههم نحو تخصص مطلوب بسوق العمل أو إبعادهم عن تخصص لا فرص له. والمقياس الوحيد المستخدم في تصنيف الطلاب للمراحل الثانوية هو المعدل وهو لا يكفي لاكتشاف قدرات ومواهب وميول الدارسين.
لا يوجد أي دور للنظام التعليمي المدرسي في توجيه اختيار الطلاب للتخصص الذي يلتحقون به في الجامعات فالطالب ينهي مرحلة «التوجيهي» وليس في ذهنه تصور واضح عما يريد دراسته. ويتم عادة اتباع أراء الاهل أو محاكاة التخصصات التي درسوها فأبن المحامي يدرس قانوناً وهكذا. ما زال المتفوقون وذو المعدلات المرتفعة يتجهون نحو التخصصات الطبية او الهندسية. بينما يتجه المتفوقون دراسياً في الانظمة المدرسية بالدول المتقدمة نحو تخصصات المال والاعمال والتكنولوجيا، وذلك عكس ما يحدث في جامعاتنا.
في حقيقية الأمر هناك فجوة بين التعليم المدرسي والتعليم العالي لابد من العمل على ردمها من خلال التنسيق بين النظام التعليمي المدرسي ونظام التعليم العالي الجامعي وذلك يكون من خلال تعريف الطلاب الدارسين بمختلف التخصصات المتوفرة التي لها فرص متاحة في سوق العمل وذلك من خلال زيارات دورية متبادلة بين الدارسين والقائمين على العملية التعليمية في كلا النظامين فلم يعد مقبولاً أن يأتي طالب «توجيهي» في حيرة من أمره حول ماذا سيدرس، أو أن يختار أحدهم تخصصاً لأن اصدقاءه التحقوا في هذا التخصص.
نأمل أن نرى في القريب العاجل مزيداً من التعاون والتنسيق والتكامل بين الانظمة التعليمية المدرسية والتعليم العالي لتعزيز فكرة توجيه الطلبة واكتشاف مواهبهم وقدراتهم وزيادة قدراتهم على الأختيار أو حتى التأثير بهم وتوجيههم نحو التخصصات المطلوبة في سوق العمل سواء المحلي أو الاقليمي لأن في طبيعة الحال هناك عدد من الخريجين قد يتجهون نحو العمل خارج الأردن أو إتمام الدراسة في الدول الاجنبية.
اعتقد أنه بات علينا تعليم طلابنا اضافة إلى العلوم والمعرفة مهارات الاختيار والقدرة على اتخاذ القرار. لما لا ندعوهم لتبني مفهوم لست كما تظن ولن أكون كما ترغب، شرط أن يُغلف ذلك بالمعرفة الكافية بما يدور حولهم من معطيات ومن تغيُرات ومن فرص عاجلاً أم اجلاً سيصبحون جزءاً لا يتجزأ منها.
[email protected]